22 رجب 1446 الموافق الأربعاء 22 يناير 2025
رئيس التحرير
هاني ابوزيد
رئيس التحرير
هاني ابوزيد

الأرض تتجاوز قيمتها الأن 300 مليون جنيه

لغز أرض أبناء حبيب العادلي في “الكريزي ووتر”: كيف أُهدرت الملايين دون حساب؟

اسكاني

في عام 2005، أثار قرار وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان، بتخصيص قطعة أرض مساحتها 5000 متر مربع في منطقة محور الكريزي ووتر بمدينة 6 أكتوبر، الكثير من التساؤلات حول مصير المال العام. القرار الذي تم بالأمر المباشر خصَّ الأرض لصالح شريف، نجل وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وبناته رانيا وداليا وجيهان، بسعر 300 جنيه للمتر المربع، بينما كان السعر السائد في الوزارة لهذه المنطقة آنذاك يتجاوز 900 جنيه للمتر، ويزيد عن ذلك أضعافًا مضاعفة في السوق.

التخصيص لم يكن فقط مثارًا للجدل بسبب فارق السعر، الذي أدى إلى إهدار نحو 2.26 مليون جنيه من المال العام، بل أيضًا بسبب ما كشفته التقارير الرقابية عن مخالفات إدارية وقانونية في عملية التخصيص.

 ومع اندلاع أحداث 25 يناير 2011، أرسل نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية خطابًا إلى جهاز مدينة 6 أكتوبر يطالب فيه بوقف التعامل على الأرض، إلا أن الإجراءات القانونية لسحب هذه الأرض أو إلغاء التخصيص لم تُتخذ، وبقيت الأرض تحت سيطرة بنات العادلي، اللاتي لم يشملهن قرار منع التصرف في الأموال الصادر بحق والدهن.

أسئلة بلا إجابة

رغم مرور أكثر من عقد على هذه الواقعة، لا تزال التفاصيل المتعلقة بمصير هذه الأرض غامضة. التقارير الرقابية تُظهر بوضوح حجم المخالفات والتجاوزات، لكن المعلومات المتاحة للجمهور لا تشير إلى استرداد الأرض أو أي إجراء قانوني لاحق ضد المستفيدين. مع العلم أن سعر المتر في المنطقة حاليًا يتجاوز 40 ألف جنيه، فإن القيمة السوقية للأرض قد تصل إلى 200 مليون جنيه، ما يعزز أهمية السؤال حول ما إذا كانت الدولة قد نجحت في استعادة حقها

تاريخ من التجاوزات

قضية قطعة الأرض هذه ليست الوحيدة التي ارتبطت باسم حبيب العادلي، إذ نُشرت تقارير في فبراير 2024 تشير إلى تخصيص أراضٍ في منطقة الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر لنفس العائلة، حيث تم تحويل نشاط الأرض من زراعي إلى سكني بغرض إقامة مشروع عقاري.

دعوة للمحاسبة

ما يزيد الغموض هو غياب أي تصريحات رسمية حديثة من هيئة المجتمعات العمرانية أو جهاز مدينة 6 أكتوبر حول هذه القضية. هل تم استرداد الأرض؟ هل جرت أي محاسبة للمسؤولين عن التخصيص؟ وما هو الوضع القانوني الحالي لهذه الأرض؟

إن غياب الشفافية بشأن هذه القضية يضع علامات استفهام كبيرة حول قدرة الدولة على حماية المال العام ومحاسبة المتورطين في استغلال النفوذ. لذلك، فإننا ندعو الجهات المعنية إلى تقديم إيضاحات رسمية حول مصير هذه الأرض والإجراءات التي تم اتخاذها.

في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، يصبح استرداد حقوق الدولة والحفاظ على المال العام ضرورة لا تحتمل التأجيل. قضية أرض “الكريزي ووتر” ليست مجرد ملف من الماضي، بل اختبار لمدى جدية الدولة في مواجهة الفساد بكل أشكاله.